رسالة إلى مشترك بالإنترناتأخي الكريم المشترك في شبكة الإنترنت !
كم هي نعم الله علينا عظيمة ! لا يمكن عدُّها أو حدُّها ..
ومن أعظمها نعمة العقل الذي يتميز لنا بها الخير و الشر ، والنفع و الضر ، وما ينبغي لنا أن نفعله ، وما يجب علينا أن نتجنبه .
وشبكة الإنترنت مبناها على العقل الذي ابتكرها وطورها وعدد وجوه الانتفاع بها على الوجه المطلوب والمقصد المرغوب بإذن الله وفضله .
ولكن شياطين الإنس والجن أبت على المجدِّ أن يبلغ ذرى المجد ..
والأهواء والرغبات ، والأطماع والنزوات قعدت بكل صراط لمن يرغب أن يُشغل وقته بما ينفع ، ويُعمل عقله فيما يفيد ..
فأضلته عن الصراط المستقيم وصرفته عن المنهج القويم فغدت هذه الشبكة بأيدي أعوان الشيطان وزبانيته شبكة صيد وشراك قيد يصيدون بها من لا هدف له في دخول هذه المعمعة وولوج هذا الميدان ..
ولذا وجب التذكير لمن دخل هذا المضمار أن يسأل نفسه في البداية ، حتى لا تكون هذه بداية النهاية : ما الهدف الذي من أجله اشتركت في هذه الشبكة ؟!
هل هو الفراغ الذي أعاني منه ؟
أم هو الفضول الذي دفعني ـ بالرغم مني ـ للخوض فيه ؟
أم أنه مركب جديد ركبه غيري فلا بُـدَّ أن أسايرهم فيه وأجاريهم عليه ؟
أم أني صاحب هدف أعيش له ، وقضية أناظل من أجلها ، وأمانة أقاتل دونها ؟!
وبنظرة ثاقبة لقلبك ، ومحاسبة صادقة لعقلك ، يتبين لك من بعدها ؛ أيُّ الناس أنت ! وأيُّ وادٍ تسلك ! وأيُّ مبدأ تنتهج ! وما هو مأمولك وميولك ؟!
فكن ممن استخدم نعمة الله فيما يرضي بها خالقه ومولاه .
وابذل وقتك ـ وهو مادة عمرك ـ فيما يقربك من ربك ، ويزيد به علمك ، وتزكو به نفسك وابذل مالك فيما ترجو عوضه من الله ، وتدخره ليوم تعظم بلواه ..
فدينك ينتظر منك أن تكون سفيره المبارك ، وداعيته الخير ، وجنديه المخلص ، فإن من يعيش لنفسه ، ولنزواته الزائلة ، ورغباته العاجلة ، يعيش صغيراً ، ويموت صغيراً ، ويبعث صغيراً ، ومن يعيش لدينه وأمَّته وعقيدته ومبدئه ، فإنه يعيش كبيراً ، ويموت كبيراً ، ويبعث كبيراً ، والهموم على قدر الهمم .
أخي الكريم : لا يسرقك هذا الجهاز أغلى ما لديك وأعظم ما تملك وهو دينك وعقيدتك ومنهجك ..
ولا ينهب عليك وعاء عمرك ومادة حياتك ، وهو وقتك الغالي الذي إذا ذهب فلن يرجع حتى يعود اللبن في الضرع ..
ولا تكن كالإسفنجة التي تتشرب كل وسخ ، وتمتص كل قذر من زبالات فكر أعدائك الذين يمكرون بك ، ويكيدون لك ، ويلقون بما لديهم من شبهات وشهوات بين يديك في أحلى حلَّة ، وأجمل هيئة ، لتبوء بخسارة الأبد وحسرة السرمد .
أخي الكريم :اعلم بأن دينك ينتظر منك دورك الرائد ، وعملك الفريد في الذب عنه ، والدفاع عن حياضه ، ونشر أنواره وإشراقاته في حالك الظلمات ، وبين دياجير الضلالات .
ودعك من الفضول ، فإن الفاضل لا يلتفت للفضول ..
واحذر مما لا فائدة فيه ، وما شره أقرب من خيره ، وضره أعظم من نفعه ، فإن الزمان عزيز ، والوقت غال ، والشبهات خطَّافة ، والشهوات خلاَّبة ، واليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل ، فلا تغفل !