تحية من القلب بدون مناسبةالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحيّة من القلب بدون مناسبة !!
أحيانا يراودنا شعور بإلقاء تحية الصباح على
أول شخص نلتقي به.
هكذا ولمجرد كسر الجليد والذهاب نحو الآخر
بدون أحكام مسبقة
وبدون مصلحة معينة.
فقط تحية صباحية لتذكير الآخرين بأنهم
موجودون بيننا
ولديهم حضور،
وأننا نفكر فيهم رغم أننا لا نشترك معهم فى أية
علاقة أخرى
غير باب مقابل لبابنا في العمارة، أو نظرة عابرة
في حافلة عمومية،
أو زحاما في صف أمام مستشفى
*******
تحية إذن
للسجين الذي سيغادر زنزانته هذا الصباح دون
أن يجد أحدا بانتظاره أمام الباب
للأم التي تحمل طفلها المحموم فوق ظهرها
وتقف حائرة أمام باب
المستشفى الحكومي بانتظار دورها للدخول، دون
أن تدري أن
اليوم يوم إضراب عن العمل
للبنت المرتبكة التي يوشوش لها مستخدمها في
مصنع النسيج
كلاما وقحا في أذنها بينما هي تتحمل وتشتغل
خافضة رأسها
وتفكر في دواء والدها المريض بالربو
للعسكري الذي لم ير أبناءه أشهرا طويلة،
والذي عندما يشتاق
إليهم يخرج صورهم من جيبه ويقبلهم واحدا
واحدا ثم يعتدل
في وقفته تحت الشمس حتى لا يمر ظابط ما
ويضبطه
متلبسا بتهمة الحنين
*******
للحارس الواقف ليلا أمام أبواب الشركات
الرأسمالية المتوحشة،
لسيجارته الرخيصة التي تتدلى من شفتيه،
ولكأس الشاي البارد الذي يقاوم به وحشة الليل
وقسوة الطقس
لسائق الشاحنة المسافر نحو مدينة بعيدة في
الجنوب، إلى ظهره
المبلل بالعرق ولنظرته الضائعة في الغروب
لصوت المذياع
الذي يصاحبه ولإمرأة وحيدة تركها خلفه يفكر
فيها طيلة الطريق
للقاضي الذي يبدأ نهاره بتطليق زوجين
للطبيب الجراح الذي يفعل كل ما بوسعه لينقذ
طفلا مريضا فيفشل
في إعادته إلى الحياة، ويعود منكسر الخاطر إلى
البيت في المساء،
يحتضن أطفاله بين ذراعيه ويفكر في أم الطفل
الذي مات أمامه
هذا الصباح، ماذا تراها ستحضن بين ذراعيها
بعد اليوم
*******
للواقفين في الصفوف الطويلة لطالبي التأشيرة
نحو الغربة في المدن الحزينة،
لقلقهم الصباحي وهم ينتظرون جوازاتهم،
لحقائب سفرهم التي جمعوها منذ سنوات طويلة،
لأملهم في وطنهم الذي خاب
للجالسين في قاعات الاستقبال في انتظار نتائج
تحاليلهم،
للقادمين من القرى البعيدة إلى العيادات بدون
إفطار من أجل الفحص،
للداخلين هذا الصباح إلى جناح الجراحة
للذين يستعدون هذا الصباح لركوب قارب باتجاه
الضفة الأخرى للحياة،
للذين تطفو جثثهم الآن فوق مياه المضيق،
للذين وصلوا فقط لكي يدفنوا في مقابر الغرباء
لساعي البريد الذي يترك لنا الرسائل تحت الباب
دون أن نراه..
ولرجل النظافة الذي يمر في الفجر بصمت لكي
يفرغ سطل القمامة
لكل موظف وعامل ينهى عمله صباحا مرهقا
يمشى بخطى ثقيله
عائدا لبيته بقلب يملؤه ألأمل فى غد افضل
لفصل الربيع الذي سوف يزورنا ، لكل الورود
التي سوف تتفتح فوق الروابي،
لكل الأعشاب البرية التي ستنمو فوق قبور
الأحبة الراحلين
إليهم كلهم، وإلى كل الآخرين أيضا
:rr: