حيـــــــــن يهــــــرب العمـــــــر ! هل أنا كنت طفلا ؟!
أم أن الذي كان طفلا إنسان آخر غيري ؟!
هل أنا الذي دارت بي الايام , وسرق مني الوقت , وهربت مني الساعات ؟ أم أن الذي استغله لص التأجيل غيري ؟!
هل أنا من جعل " سوف " له ملاذا من مواجهة الواقع والحقائق , أم أن الذي خدعته " سوف " غيري ؟!
خطوات قصيرة لتجد نفسك على مشارف عمر كنت تعتبر الواصل إليه يجب أن يلم أوراقه ويرتب متاعه للرحيل , ثم ها أنت ذا تتراءى أمام عينيك أوراقك, وحقائبك , ويصفق الوقت معلنا الاستعداد للرحيل !
إنها خدعة نعيشها , تلك القائلة إن العمر طويل , وإن الحياة مفتوحة الذراعين , وإن الآمال العريضة لها ما يبررها
عن عبد الله بن عمر مر علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نعالج خصا لنا وهى [هو البيت من قصب، والمعنى أن الحائط ضعف واسترخي/مختار الصحاح] فقال:" ماهذا؟" فقلنا :خص لنا وهي، فنحن نصلحه، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-" ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك". أخرجه أبو داود
الأمر أعجل من هذا , أعجل من أن نعالج كوخا صغيرا قد تكسر وفسد , واعجل من أن نزين الدور , ونبني البيوت , ونرفع البنيان رغبة في التفاخر والتمايز والتزين
إنها لحياة قصيرة , تلك التي يتذكر الإنسان صباه فيها وكأنه مر بالأمس القريب , ويتذكر أعماله الصالحات وكأنها شىء يسير لايكاد يشفي غليلا , ويتذكر خطاياه وكأنها في أصل جبل يوشك أن يقع عليه , أي حياة تلك المغفلة المنسية لأعلى الحقوق الفاتحة ابواب الوهم والإيهام ؟!
حق للحكيم أن يحذرها , ووجب على الواعي أن يبادرها بالإصلاح في شأنه وقلبه , ويبتدرها بالصالحات أولا بأول , قال صلى الله عليه وسلم :" بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا " . رواه مسلم
إن الحياة الحقة حياة أخرى غير تلك التي نعيش بطريقتنا المعهودة , الحياة الحقة هل تلك التي يستثمر فيها المرء كل لحظاتها , صالحا مصلحا لغيره , طاهرا مطهرا لغيره , مستقيما مقوما لغيره , إيجابيا مؤثرا , ناصحا أمينا , عابدا تقيا , سليم القلب , نظيف الصدر , مطمئن النفس ...
وكل نقص من تلك الأوصاف هو نقص من قيمة الحياة التي يعيشها أحدنا , وهو سبب الكدر الذي يغشانا والهول الذي يحدق بنا !
للامــــــــانة منقول